قراءة في تبيان حكم قضية الغاز في محاكمة القرن: لا زال الإفلات من العقوبة مستمرًّا في قضايا الفساد
بيان صحفي
فرصة ذهبية مهدرة لتحقيق العدالة في قضايا المال العام
تعتبر قضية تصدير الغاز بسعر بخس من أهم قضايا الفساد المصرية في العصر الحديث، نظرًا إلى حجمها وتأثيرها في حياة ملايين المصريين، وتورط كبار رجال الدولة واهتمام الرأي العام العريض بها، ورمزيتها التاريخية والسياسية. وذهب كثير من المحللين والمتابعين للقضية إلى استحالة عدم علم وانخراط الرئيس السابق حسني مبارك في هذه القضية نظرًا إلى أهمية الأمر كـ"قرار سيادي"، يخص واحدة من أهم مواردنا الطبيعية، ويخص جهاز المخابرات العامة، وكالتزامٍ باتفاقية كامب دافيد، والأهم من هذا وذاك هو صداقة مبارك لرجل المخابرات السابق ورجل الأعمال الحالي ـ الهارب في إسبانيا ـ حسين سالم، وهي الصداقة التي شهد عليها اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير في شهادته في نفس القضية، بالإضافة إلى أن إسناد تصدير الغاز إلى سالم تم بالأمر المباشر وفقًا لما جاء في شهادة عمر سليمان.
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعليقًا على تبيان حكم محكمة جنايات شمال القاهرة - في الجانب المتعلق بقضية الغاز - الصادر في 29 نوفمبر 2014، والذي قضي ببراءة مبارك فيما يُعرف بمحاكمة القرن التي اتهم فيها مبارك ونجلاه ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعدوه الستة وسالم بعدة تهم متعلقة بقتل المتظاهرين خلال تظاهرات الخامس والعشرين من يناير، وبالفساد المالي وإهدار المال العام، ومن ضمنها قضية تصدير الغاز لإسرائيل. وأثار الحكم الكثير من النقاش حول جدية المحاكمة وحيادية المحكمة والحكم الصادر، وطَرَحَ الكثير من الأسئلة عن استقلال القضاء وكفاءة الإجراءات القانونية، وإذا ما كان هناك قصور تشريعي من عدمه.
وقد نشرت المبادرة المصرية أخيرًا تقريرًا مفصلًا عن فساد صفقات الغاز في عصر مبارك، وذهب التقرير إلى أن خسائر تصدير الغاز إلى الأردن وإسبانيا وإسرائيل كلفت خزينة الدولة نحو 10 مليارات دولار في الفترة من 2005 إلى 2010، معتمدًا في ذلك على حسابات دقيقة معتمِدَة في الأساس على الأسعار الموجودة في أوراق القضايا المختلفة المرتبطة بمسألة تصدير الغاز بسعر بخس.